أكد لنا السيد المسيح من خلال تعاليمه أن رسالته هي الرسالة الإلهية الختامية، ومما علّمنا إياه قوله لنا: “وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ …”.
هذا الكلام المبارك، له بُعد إلهي وبُعد إنساني، فمن جهة البعد الإلهي فهو يُعلن لنا أن الله هيّأ وأعدّ الأفضل للإنسان في تواصله مع الله وفي علاقته معه، سواء من جهة الوصية المُسلَّمة لنا في الكتاب المقدس من الله عن طريق الأنبياء والرُّسل الموحى لهم من الله، وفي ختام الأمر أكمل المسيح الذي هو صورة الله غير المنظور، الرسالة الإلهية بتجسّده بشراً وعاش بين الناس معلِّماً ومرشِداً بسلطانه الإلهي، إلى حين ساعة بلوغ إكمال مهمته أي بالصَّلب والقيامة، وسواء من جهة فتح الباب للإنسان كي ينجو من عقاب الخطيئة. أما من جهة البُعد الإنساني، فالمطلوب من الإنسان الإيمان بالله إيماناً صحيحاً وجدّيّاً يقتضي طاعة الوصية الإلهية المُسلَّمة إليه على صفحات الكتاب المقدس، وقبول ما صنعه المسيح للإنسان حتى تكون له حياة ويكون له الأفضل.
كفاية رسالة المسيح للإنسان
يبقى السؤال: هل الوصايا التي أوصى بها الله بفم الأنبياء أو قدّمها لنا بنفسه في شخص الرب يسوع المسيح، كافية لترتيب حياة الإنسان وتنظيمها ووضعها على الطريق الصحيح من جهة علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، ومن جهة علاقة الإنسان بالمجتمع ككل وكذلك من جهة علاقة الإنسان بخالقه؟ وسؤال آخر يطرح نفسه: هل الله متقلِّب ومزاجي إذ يغيّر الرسالة التي قدّمها للإنسان لتكون للإنسان حياة ويكون له الأفضل، يغيّرها برسالة لا تعطي الإنسان رجاء في حياته الدنيا لحياة مؤكدة في الآخرة؟.
الوصايا الإلهية المعلَنة لنا في الكتاب المقدس كافية ووافية لتنظيم حياة الإنسان اجتماعياً وأخلاقياً وأدبياً وروحياً، وهذه الأمور هي لأاركان الرئيسية الكفيلة بتأمين مجتمع إنساني سليم والحفاظ عليه فيما لو تعاطى الإنسان بجديّة وبمسؤولية مع الوصايا الإلهية.
وفوق كل هذه الوصايا المسلَّمة من الله، لقد صنع الله الأفضل للإنسان إذ فتح الباب له لكي يتخلص من عقاب الخطيئة المزمع أن ينفّذه الله العادل نتيجة شر الإنسان، إذ ونحن بعد خطاة وننتظر العقاب الإلهي على خطايانا التي لوّثت حياتنا، شاء المسيح أن يفدينا ويحمل عنا العقاب لكي لا نهلك بل تكون لنا الحياة الأبدية. ونوال الحياة الأبدية هو أسمى ما يبتغيه الإنسان في غربته على هذه الأرض.
انتفاء الحاجة إلى رسالة إلهية جديدة
حيث أن الله قدّم للإنسان، كما هو واضح ومؤكد في الكتاب المقدس، ما يكفي لقضاء حياةٍ منظّمة مطمئنة على الأرض ولضمان حياةٍ أبدية بعد انتقاله من دنيا الأرض. فهذا يعني أن الكرة هي في ملعب الإنسان ولا يمكنه ردّها إلى الله بحجة أن رسالته غير مكتملة أو غير كافية، ويطالبه بتعديلها أو بنسخها أو تغييرها واستبدالها. الله غير مُسخَّرٍ للإنسان بل الإنسان هو مسؤول عن طاعة الله. أمّا الاحتجاج بأن الإنسان حرّف وغيّر وبدّل تعاليم الله ووصاياه وزاد عليها وأبعدها عن مسارها الصحيح، ممّا استدعى من الله أن يُعدّ رسالةً ختاميةً جديدةً، فهو غير مقبولٍ لأنّ فيه اتهام لله بعدم قدرته على الحفاظ على رسالته وعلى عدم مصداقيته، وتؤكد على مزاجيةٍ لا تليق بالعزّة الإلهية.
صديقي، ربما تتساءل ما هي هذه الوصايا التي أشرنا إليها في المقالة هذه؟ وجوابنا تختصره دعوتنا لك لتقرأ الكتاب المقدس كلمة الله النهائية، وتكتشف روعة تعاليم الله الواحد الذي لا إله حقيقي غيره، وعظمة أعماله وتفرّده بصفاته الإلهية.